#عبير_النجار
#حكايات_بنت_القاضي
#عدالة_السماء
#دشنا_قنا
سُبْحَانَكْ ... سبحانك ...
يا ذا القصاص العادل ..
كانت هذه الكلمات التي يرددها والدي .. عندما دلفت لغرفته ..
فسألته على الفور :
إيه الحكاية يا بابا ...؟؟؟
شرد بعدها للحظات ...ولما طال شروده أخذت أستحلفه وألح عليه أن يخبرني ما الأمر ..
وبالفعل بدأ بسرد القصة..
سألني أولاً :
تعرفي السمطا ؟؟؟
أخبرته :
اه يا بابا دي بلد الناس اللي بيقوموا على دشنا وبيضربوا علينا وعلى المحكمة نار ..
فزاد على ما أعرفه :
أن قرية السمطا مركز دشنا بها مجرمون شديدي الخطورة زرعوا قرابة الـ ١٥٠ فدان بنبات الخشخاش المخدر (الأفيون ) فصدر قرار وزير الداخلية بتطهيرها من البؤر الإجرامية ومن الأفيون
فتكونت حملة من ثلاثة آلاف جندي وضابط من قوات أمن سوهاج وقنا وأسيوط
وداهمت القرية
وزراعاتها المحرمة ...
أحد الضباط كان يرتكز
في أحد الأكمنة على مشارف القرية بجوار الزراعات
بينما أحد القرويين الخائفين من القوات يجري ميمِّمَاً شطر مسكنه و إذا بهذا الضابط يطلق عليه دفعة نارية من بندقيته الآلية صوب رقبته فأرداه قتيلاً
بدون ذنب أومبرر ..
نظرت لوالدي بذعر :
الظابط موت الفلاح يا بابا وهو ما عملش حاجة 😳
فأخبرني والدي بأنه نعم فعل ذلك ..
أُخطر والدي وهو يومئذ رئيس نيابة دشنا بالحادث فانتقل لمعاينة مكان الحادث وهناك التقى بمدير أمن قنا ..
ووجد القتيل و كأنه مذبوح
من رقبته لدرجة أن رأسه كادت تنفصل عن جسده ...
فنظر للطبيب الشرعي الذي أتى به معه لتشريح الجثة وقال له :
ده مدبوح !!!!
فرد عليه الطبيب الشرعى :
لا ده مضروب بدفعة آلي مرة واحدة ...
لأنه لما يُضغط على زناد البندقية الآلية بعنف تخرج الثلاثين طلقة يعني الخزينة بالكامل دفعة واحدة متتابعة متتالية بدون فارق زمني بينهم مُحدثةً مايسمى بشريط النار ...
والدليل على ده انك هتلاقي على حواف الجرح
اسوداد واحتراق بارودي
وبالفعل كان على
حواف الجرح
ما يشبه الاحتراق
واسوداد ملحوظ ..
قام والدي باثبات ذلك و انتهى من معاينته
لمكان الحادث و اتخذ قرارين أولهما :
دفن جثة القتيل بعد تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعى وثانيهما الأمر بضبط واحضار الضابط القاتل وعرضه على النيابة للتحقيق معه عما اقترفته يداه ..
ومر اسبوعين و لم يحضر الضابط ..
اتصل والدي بمدير الأمن سائلاً عن تنفيذ قرار الضبط والإحضار للضابط القاتل ...
رد مدير الأمن قائلاً :
أنا جاي لسيادتك النيابة أشرحلك الوضع بالتفصيل .. وعلشان فيه كام موضوع تاني عايز اتكلم معاك فيهم ...
وعندما حضر قال لوالدي :
بالله عليك كنت هتعمل ايه مع الظابط ؟؟؟
قال له والدي :
سيادتك عارف الإجابة من قبل ما أقولها ..
دي جريمة قتل عمد بدون عذر أو مبرر ...
قال مدير الأمن :
فعلاً ..
كنت عارف أنك هتحبسه فجبته مكتبي و قلت له خد أجازة لمدة أسبوع و حضر نفسك بعدها للتحقيق ..
فشكرني واخد عربيته
اللي كان حاطتها تحت بيت نسايبه بالقاهرة واتوجه للإسكندرية من على الطريق الزراعي
وشمال طنطا بثلاثة كيلومتر كانت أدامه سيارة نقل تريلا محملة بأسياخ حديد التسليح
وكانت فيه أمطار على الطريق حاول الظابط انه يوقف عربيته ما عرفش فاصطدمت بحمولة السيارة النقل فانغرست اسياخ حديد التسليح في رقبته فمات في الحال ...
كان مدير الأمن يروي ما حدث وهو في قمة التأثر لدرجة أن دموعه انسابت أثناء حديثه ...
و استكمل حديثه لوالدي :
انت عارف أنا من طنطا وبلغوني بالحادث في لحظته فجريت لمكانه وكان منظر في منتهى البشاعة ...
اسياخ حديد التسليح انغرزت في رقبته فأحدثت بيه نفس الإصابات اللي أحدثها بالقروي الفقير .. في السمطا بدشنا ..
تأثر والدي للغاية وهو يقول لمدير الأمن :
هي دي عدالة السماء ..
هو ده القصاص الالهي العادل ..